ما هي حقيقة الأيام العصيبة التي مر بها حسني مبارك وعائلته موخرا بقلم د.أشرف شاهين أحداث مارس ٢٠١٠ عندما إكتشف الفريق الطبي المعالج للريس حسني مبارك البالغ من العمر إثنان و ثمانون عاما أن حالته خطرة، وأن عليه الخضوع لعملية سريعة لإزالة المرارة الملتهبة ومعاناته من إلتهاب الاثنى عشر ، كانت الحاله العصبية للريس حسني مبارك في توتر مستمر بسبب ألام البطن و حروق فم المعدة و الانتفاخ الدائم ،و مما زاد توتره هي الأخبار التي بدا يتبعها موخرا مثل إنضمام الدكتور البرادعي إلى المعارضة، حتى أن الدكتور مختار لم يكن يفارقه في القصر وكانت المسكنات هي العلاج الوحيد أمام الطاقم المصري المعالج فقد رفض الريس إجراء حتي عملية منظار طبي على الكبد و إكتفو بلاشعة الصوتية ،و إضطر الجبلي و هو وزير الصحة المصري إلى إجراء إتصالات بمستشفى هيدلبرج الجامعي الألماني المتخصص في جراحة المعدة والباطنة،و الجبلي على علاقه عمل وطيدة بهذا المستشفى فهو يقوم أحيانا بدعوات لاطباء من المستشفى المذكورة لاجراء بعض الجراحات في مستشفياته الخاصة ،كما أنه يعرف الدكتور مركس بوشلر وكذلك مسوولة العلاقات العامه أنيتا تفث،و على الرغم من وجود الطاقم الطبي المصري دائما بجانب الريس إلا أنه لم يكن يثق في قدرتهم على إجراء الجراحة اللازمة له في مصر،كما أن الطاقم الطبي المصري كان مرعوب من تحمل مسوولية نتيجة هذه العملية و عليه فقد تم إخبار سوزان مبارك بالحالة المرضية للريس وكان الطاقم المصري قد عقد الأمر على رفض إجراء العملية في مصر و من هنا قررت عائلة حسني إرسال طائرة خاصة اقلعت من مطار القاهرة في الخامس من فبراير والعودة بالدكتور بوشلر وخمسة من مساعديه بينهم طبيب التخدير دكتور بردنهور ،علي الفور قام الفريق الألماني بفحص مبارك وبعد الكشف نصحوا بنقله إلى المستشفى في ألمانيا لاجراء مزيد من الفحوصات ،و طمان الجميع الريس بان المستشفى مجهز بأخر ما وصل إليه الطب في مجال جراحة البطن في العالم ،كما أن الرعاية الطبية هناك على أعلى المستويات ،كانت توصيات الطاقم الألماني بعد اطلاعهم على الحالة وتشخيصها هو أنه يجب نقل مبارك إلي المستشفى في ألمانيا في أسرع وقت ، كانت المشكلة الكبرى التي توجه مبارك وعائلته هو الوضع المقلق اللحالة السياسية الداخلية في مصر ،و زيادة إرتفاع أصوات المعارضة المصرية المطالبة بالتغيير ودخول خصم جديد على مستوى عال من الخبرة السياسية وذو ثقل دولي كبير إلى ساحة المنافسة السياسية المصرية و مما زاد قلق العائلة هو مقدار الدعم الشعبي السريع والغير متوقع من الشعب المصري وخصوصا الشباب له، بل اعتبرته كافة أطياف المعارضة المصرية بما فيهم الاخوان المسلمين وحتى أقباط الداخل والخارج أنه أمل مصر في التغيير، في هذا الجو الحرج لمبارك وعائلته و الذين كانوا يطمعون في المزيد من الوقت لكي يتمكنو من تمرير مخطط التوريث وجدو أنفسهم فجاه في ورطة لم يكونو على استعداد لها وكان كل تفكيرهم مشتت على ماذا يحدث في حالة فشل العملية الجراحية وإكتشاف أن التهابات الاثنى عشر هي التهابات سرطانية ؟ ،سيكون الاحتمال الأقرب هو موت الريس أو عجزة أو حتى من الممكن عدم رجوعه إلى مصر على قدميه ومع معرفتهم بمدى رغبة الشعب في التغيير والخوف من انتهاز قادة المعارضة وبالذات الشباب لهذه الفرصة وتنظيم مظاهرات عامه وإحتمال امتداد تلك المظاهرات والاحتجاجات إلى جمع أنحاء مصر ،و إمكانية تراخي قوات الأمن في جمح زمام هذه المظاهرات، و عدم الثقة في شركاء مبارك السياسيين والاقتصاديين من وزراء ورجال أعمال . وعليه فقد اجمعت العائلة على أن يعدو أنفسهم لأسواء الاحتمالات وهي موت مبارك في ألمانيا أثناء أو بعد إجراء العملية الجراحية ، وكان القرار هو البقاء خارج مصر وعدم العودة .وكانت العائلة قد بدات في تامين مراكزها المالية خارج مصر منذ وقت طويل فقد قام جمال ببيع كثير من اسهمه منذ بداية تدهور حالة مبارك الصحية، وعليه فقد حملت الطائرة الخاصة برياسة الجمهورية بكمية كبرة من المشغولات الذهبية والأوراق المالية والسندات الأجنبية،أما طائرة جمال مبارك فقد تم تحميلها ثلاثة مرات باشياء مهمة ومجموعة من التحف والملابس الخاصة بالعائلة في رحلات احدهما إلى دبي وأخرى إلي جهة في أمريكا الاتنية لم نتحقق منها بعد وأخرى إلى لندن،كما أنه من الموكد لدينا أن جمال وعلاء مبارك قد قامو بزيارة فرع hsbc في لندن ثلاتة مرات على الأقل أثناء فترة تواجد مبارك في ألمانيا، ومع وصول حسني مبارك لالمانيا كان جمع أفراد عائلة مبارك قد غادروا مصر بما فيهم زوجات ابنائه وأطفالهم وعائلات زوجاتهم،ولم يكن هذا يخفي على بعض الأشخاص المقربين جدا من حسني وادرك هؤلاء الأشخاص بحسهم السياسي أنه في حالة موت مبارك فسوف تكون حياتهم وحياة عائلاتهم معرضة للخطر فزكريا عزمي قرر الهروب بصحبة مبارك وتسفير عائلته إلي دبي ،أما سليمان فقد سافر بحجة المفاوضات المصرية الاسرايليه والبقاء في إسرائيل إذا تازمت الأمور، فهو من أقرب أصدقاء المخابرات الإسرائيلية وهناك وعد من الاسرائليين بحمايته وتوفير الاقامة اللائقة به في إسرائيل أو أي بلد غربية في حالة صعوبة الوضع في مصر. كما ذهب شيخ الأزهر هو الأخر إلى السعودية و لكن القدر لم يتركه ، لاحظ جمال مبارك تسرب المسوولين واحدا تلو الأخر، و كان أحمد نظيف قد قرر السفر وأرسل زوجته الجديدة إلي الخارج بحجة حضور مؤتمر تقني ، هنا أرسل جمال قرار عليه توقيع مبارك إلى أحمد نظيف بمنعه من السفر خارج مصر، كان هذا هو أكبر مازق وضع فيه نظيف منذ توليه رياسة الوزارة ودخل معه القفص سرور والشريف ومجموعة كبيرة من رجال الأعمال المقربين من السلطة، حتى قيل أن صفوت الشريف و سرور وأحمد عز لم ينامون خلال فترة مرض الريس إلا بضعة ساعات، فقد أيقنوا أنه سوف يتم التضحية بهم إذا مات مبارك ،كان مبارك قد وضعهم في المصيدة واقفل الباب عليهم ،ففلسفة مبارك العجوز هي إذا مت فليذهب الجميع إلي الجحيم فالرجل المذعور من الموت قرر أن يصطحب معه معظم رجاله في حالة موتة، ولم تطا قدم أي فرد من أفراد عائلة مبارك أرض مصر منذ لحظة سفره مع أنهم كانو يطوفون أوروبا ومن بين هذه الزيارات التي لم تستطع العائلة اخفاها هي رحلة زوجة جمال للولادة في لندن في الحقيقة كان السناريو الأكثر واقعية للعائلة هو موت مبارك وحدوث التغيير ، ولكن السؤال الاكثر أهمية هنا هوهل كانت المعارضة تعرف حقيقة الوضع الحرج لعائلة مبارك ؟ والسؤال الثاني الذي لا يقل أهمية عن السؤال الأول هو هل كان رجال الحزب الوطني يعرفون نوايا عائلة حسني مبارك بتركهم طعما للشعب المصري لكي ينكل بهم في حالة حدوث تغيير سياسي ؟ لكي نستطيع الاجابة على هذه الاسئله علينا تتبع تحركات المعارضة ورموزها في هذا الوقت. فنلاحظ أن إستغلال المعارضة لهذه الفرصة الذهبية للتغيير وردود أفعالهم كانت ضعيفة للغاية مما يدل على ضعف مستوى الحرفية والوعي السياسي وعدم ادراكهم حقيقة الوضع الداخلي لعائلة مبارك ، الإستثناء الوحيد كان رد فعل الدكتور البرادعي ،الذي دل على الخبرة السياسية ،مع أن معظم المحللين لم يفهمو مغزى ردود فعله ، كان مقررا مسبقا وقبل سفر مبارك للعلاج أن يرجع البرادعي من زيارته لفينا ولكنه قرر مد فترة اقامته بالخارج ولكن السؤال هو لماذا؟؟؟؟ لان شخصية البرادعي شخصية غير مغامرة.، فالرجل يحب أن ياخذ كل شي وقته فالمقربين من البرادعي يعلمٌ إيمانه الشديد بالمقولة التي حفظها عن والده (أن لكل أجل كتاب) وأن الوقت كفيل بان يوصل الانسان إلى مسعاه، كما أنه حفظ عن السيدة الوالدة المثل القائل يا مستعجل عطلك الله. كان الرجل قد بدا متاكدا من حتمية مستقبله السياسي في مصر وبخبرته السياسية و بالوعود من الأصدقاء الأمركيين و الاروبيين بعدم التدخل لتفضيل مبارك عليه في حالة حدوث أي مواجهة مع النظام . وكان عمر سليمان قد أبلغ مبارك من قبل بهذه المعلومات التي أمدته بها المخابرات الاسرائلية، فمنذ أصبحت المخابرات المصرية تعمل كأحد الفروع التنفيذية للمخابرات الاسرائيلية ، و المعلومات الخارجية تصل عن طريق إسرائيل ،وبالمناسبة فهي إتفاقية رسمية للتعاون الأمني وقعتها مصر مع إسرائيل بعد اتفاقيات السلام فلو ارادت مصر على سبيل المثال عن معلومات لأشخاص مصريين بالخارج تقوم بالاتصال بالمخابرات الاسرائيلية ،وإذا ارادت اسرائيل معلومات عن مصرين أو عرب في مصر أو الدول العربية تقوم مصر بمدها بتلك المعلومات. المهم أن الدكتور البرادعي كان قد أدرك أن عليه تاجيل ميعاد رجوعه إلي مصر فمبارك يرقد في المستشفى بين الحياه والموت ،فاذا رجع الان فسيضع نفسه في مواجهة مباشرة مع حراس النظام وأعداد المؤيدين ليست بالكافية لاحداث التغيير، وعليه فقد قرر عدم الادلاء باي تصريحات في وزيادة في الحرص قرر عدم الاعلان عن موعد عودته حتى لا يكون في استقباله المؤيدين ، ولكن ماذا كان من الممكن أن يفعل البرادعي لو مات مبارك في ألمانيا و هربت أسرته والمجموعة المحيطة به؟؟ الاحتمال الأرجح هو عودته سريعا والاعلان لجميع وكالات الأنباء الدولية بميعاد وصوله والسماح للشعب المصري باستقباله إستقبال الأبطال المنتصرين، ومع احترامي الشديد للدكتور البرادعي فانه يبدو لي أنه كان ينتظر الانتصار في معركة لم يخضها معتمدا على الأقدار السؤال الأخر هو ماذا يمكن أن يكون مصير الحزب الوطني في حالة موت مبارك وحدوث هوجة من الاعتصامات والاضرابات. كانت الأوامر واضحة من صفوت الشريف وجمال مبارك و أحمدعز وبجانبهم أحمد فتحي سرور . إذا كانت الحالة يمكن تداركها فقد إتفقو بينهم على أن ينزل الجيش إلى الطرقات وبالفعل كانت قد أعلنت حالة التاهب القصوى وتم منع الاجازات منذ أول يوم سافر فيه مبارك إلى ألمانيا، وقام أفراداً من الدولة بمزيد من الاعتقالات في صفوف الاخوان ويكون سليمان هو القائد الفعلي لمصر ويعلن أنه سوف يجري إنتخابات حرة ونزيهة في خلال عامين وكان الاتفاق هو ترك صفوت ووسرور في أماكنهم ، ولكن ما لم يتفق عليه وكان سليمان يحتفظ به لنفسه هو أنه كان سيقوم بالافراج عن عدد كبير ممن كان قد تم اعتقالهم موخرا وترك عدد أخر بالمعتقلات كرهائن للمساومة عليهم لضمان تاييده . و لكن هل كان عمر سليمان سيحفظ وعده لمبارك بارجاع عائلة مبارك لحكم مصر. الإحتمال الكبير هو لا ،فسيعمد سليمان في بداية عهده بترك مساحة من الحريات فقط لاظهار عورات نظام مبارك ،وينسى الشعب عهد مبارك و اتباعه اى يبدا عهد جديد من الدكتاتورية. والنتيجة الحتمية: ١-هروب رجال الأعمال ووزراء ومسؤولين عهد مبارك إلى خارج مصر ٢تولي عمر سليمان حكم مصر ٣تضحيات عمر سليمان بالمسؤولين في عهد مبارك وتقديمهم لمحاكمات تكون الغرض منها إمتصاص غضب الشعب وزيادة شعبية سليمان ٤إزدياد قوة شباب المعارضة وقدرتهم على التغيير الفعلي وظهور قيادة سياسية جديدة. ٥إزدياد قوة منظمات أقباط المهجر 6 الضغوط الدولية لمطالبة بالتغيير والديمقراطية في مصر
د.أشرف شاهين سياسي مصري متخصص في القانون الدولي مقيم في سويسرا سكرتير عام حركة أمل مصر سكرتير عام المنظمة الاوربية الأفريقية لحقوق الانسان |
سيدنا بلال
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق